الدفاع عن كرامة المحاماة وحقوق المتقاضين في مواجهة التحديات التشريعية
في تطور يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل العدالة في المملكة المغربية، وجه النقيب عزيز الرويبح، نقيب هيئة المحامين بالرباط، انتقادات لاذعة لمشروع قانون المسطرة المدنية الذي تعكف وزارة العدل على تمريره، وفي رسالة تحد صريحة لوزير العدل، قال الرويبح: “لن نرضى ولن نسمح بالمساس بمهنة المحاماة ولا بحقوق المتقاضين.”
وقد جاءت تصريحاته تزامنا مع إعلان جمعية هيئات المحامين عن إضراب مفتوح عن مهام الدفاع، تعبيرا عن رفضها التام للتعديلات المقترحة، والتي تعتبرها مساسا بمكانة مهنة المحاماة وتقليصا للحق في الدفاع، إذ يشعر المحامون أن مشروع القانون الجديد لا يفي بالحد الأدنى من متطلبات العدالة ولا يحترم المبادئ الدستورية التي تكفل حقوق المواطنين.
أثار النقيب الرويبح سؤالا جوهريا حول موقع المتقاضي في مشروع القانون الجديد، موضحا أن هذا القانون يحجم دور المحامي، ويضر بالمواطن العادي من خلال فرض قيود وإجراءات صارمة قد تصعب من عملية التقاضي، وتحد من قدرته على الدفاع عن حقوقه بحرية، ويؤكد الرويبح أن المشروع يشكل “حكرة” للمواطنين، إذ يلزم المتقاضين برسوم وغرامات إضافية في حال لم يصدر الحكم لصالحهم، مما يثير مخاوف حقيقية حول تكافؤ الفرص داخل قاعات المحاكم.
أضاف النقيب الرويبح في تصريحاته أن حق الدفاع خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو تقليصه، مشيرا إلى أن المحامين عازمون على الاستمرار في الإضراب المفتوح حتى يتم مراجعة مواد القانون والتعديلات التي يعتبرونها مجحفة بحقوق المواطنين، ويؤكد أن هذا القانون لا ينسجم مع روح العدالة ولا مع المبادئ الدستورية التي تجعل من المواطن محور كل إصلاح قانوني وقضائي في المملكة، مشيرا إلى أن خطابات جلالة الملك تشدد دائما على ضرورة تكريس سيادة القانون واحترام الحقوق.
في ظل حالة الجمود الحالية بين المحامين ووزارة العدل، دعا الرويبح إلى ضرورة فتح باب الحوار بين وزارة العدل وجمعية هيئات المحامين، للوصول إلى صيغة قانونية تضمن حقوق جميع الأطراف، ويرى المحامون أن تجاهل الوزارة لمطالبهم يعتبر مؤشرا سلبيا، يعكس نقص الشفافية في العملية التشريعية ويدفع نحو تأزم الأوضاع داخل القطاع العدلي.
في ظل إصرار النقيب الرويبح وزملائه على مواقفهم الرافضة للتعديلات، فإن القطاع القضائي في المملكة يمر بمرحلة حرجة تتطلب حلا متوازنا يأخذ في الاعتبار احترام استقلالية المحاماة وضمان حقوق الدفاع للمواطنين، وبالنظر إلى تعقيد هذه الأزمة، يبدو أن المحامين عازمون على مواصلة نضالهم من أجل حماية مهنة المحاماة ودورها المحوري في المجتمع، موجهين رسالة قوية إلى كل الأطراف المعنية بأن الحق في الدفاع وحماية حقوق المتقاضين هي مسؤولية مشتركة، ولا يمكن المساس بها.