الجزائر تتجنب ملف الصحراء المغربية في مجلس الأمن
في عالم السياسة الدولية، لا يتوقف نظام العسكر الجزائري عن تقديم أمثلة صارخة على التناقض والتخبط، آخر فصول هذا المسلسل العبثي جاء على لسان ممثلي الجزائر في الأمم المتحدة، الذين وصفوا المملكة المغربية، بكل وقاحة، بـ”المستعمرة”. تصريح يعكس مستوى غير مسبوق من الانفصال عن الواقع والتاريخ، بل ويمثل محاولة يائسة لتصدير أزماتهم الداخلية إلى الخارج.
إذا كان للنظام الجزائري الجرأة على الحديث عن “استعمار”، فعليه أن يواجه نفسه أولا بحقائق التاريخ والجغرافيا، المغرب، البلد العريق الذي يمتد تاريخه لآلاف السنين، لم يكن يوما “كيانا مصطنعا” ولد من رحم اتفاقيات استعمارية، بل هو دولة ذات سيادة متجذرة في العمق الإفريقي والإسلامي، بثقافة وهوية متميزة تحاكي عظمة حضارات العالم.
أما الجزائر، فلنذكرها بأن وجودها كدولة ذات حدود حديثة لم يكن سوى نتيجة اتفاقيات استعمارية خطها المستعمر الفرنسي نفسه، ومنحها استقلالا مشروطا في عام 1962.
التصريحات الجزائرية ليست سوى محاولة فاشلة لتبرير فشلهم في إدارة ملفاتهم الداخلية، من أزمة اقتصادية خانقة إلى احتجاجات اجتماعية متصاعدة، فضلا عن فقدان ثقة الشعب الجزائري في نظامه، هذا النظام، الذي يتشدق بالدفاع عن “تقرير المصير”، يبدو وكأنه ينسى أنه يسجن المعارضين، يقمع الصحفيين، ويكمم أفواه كل من يطالب بالتغيير أو يكشف المستور.
هل يستطيع النظام الجزائري تفسير موقفه المزدوج للعالم؟ فمن جهة، يطالب بـ”حقوق الشعوب”، ومن جهة أخرى يتغاضى عن مطالب الحراك الشعبي الذي يهتف في شوارع الجزائر بشعار واحد: “دولة مدنية، لا عسكرية”. أليس هذا نفاقا سياسيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى؟
والأكثر من ذلك، أن الجزائر التي تدعي دعم حقوق “الشعب الصحراوي” هي نفسها التي تغلق الحدود أمام اللاجئين وتترك المهاجرين الأفارقة يواجهون مصيرهم القاتم في الصحراء. أليس الأولى أن تدافع عن حقوق الإنسان داخل حدودها قبل تصدير شعارات زائفة للخارج؟
على الرغم من كل هذا الضجيج، يبقى المغرب في موقع قوة، فالعالم بأسره بات يدرك أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة هي الحل الواقعي والأكثر جدية لحل نزاع الصحراء، في المقابل، يعاني النظام الجزائري من عزلة دولية، بعد أن رفضت حتى الدول التي كانت تحسب على صفه مواقفه المتطرفة وغير البناءة.
المغرب اليوم يبني، يعمر، ويعزز مكانته الإقليمية والدولية، بينما يواصل النظام الجزائري إهدار أموال الشعب على أوهام الماضي وسياسات الكراهية.
إن النظام الجزائري، بوصفه المغرب بـ”المستعمر”، إنما يكشف عن أزمة هوية عميقة وعدم قدرة على مواجهة حقيقته المرة، المغرب لا يحتاج إلى إثبات شرعية سيادته التاريخية والجغرافية، أما الجزائر، فربما تحتاج إلى إعادة قراءة تاريخها لفهم كيف أصبحت دولة، ومن أنشأها.
العالم يرى الحقيقة، والمغرب مستمر في مساره التنموي، تحت أمارة المؤمنين، بينما يبقى نظام العسكر غارقًا في مستنقع الأوهام والتناقضات.
العالم يرى الحقيقة، والمغرب مستمر في مساره التنموي تحت راية إمارة المؤمنين، التي تجمع بين عمق التاريخ وحكمة القيادة، مسخرا كل إمكاناته لتحقيق الازدهار وتعزيز موقعه الريادي في القارة الإفريقية وعلى الساحة الدولية، وفي المقابل، يبقى نظام العسكر في الجزائر غارقا في مستنقع الأوهام والتناقضات، منشغلا بتصدير أزماته الداخلية وإلقاء اللوم على الجيران بدل مواجهة الحقائق والعمل على تحقيق تطلعات شعبه نحو الحرية والكرامة والتنمية الحقيقية.
هذا الفرق الجوهري بين بلد يركز على البناء والنماء، وآخر يستنزف طاقاته في محاولات عقيمة لتشويه صورة من يتفوق عليه تاريخيا وحضاريا وسياسيا، يظهر للعالم أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو المستقبل، بينما يظل النظام الجزائري حبيسا لعقلية الماضي البائد وسياسات الهروب إلى الأمام.
إرسال التعليق