صوت المملكة

حركة مغرب الغد تحيي ملف ضحايا نظام بوخروبة.. جريمة إنسانية تستدعي العدالة الدولية

شارك المقال

باريس – موراكوش

تاريخ الأمم مليء بالأحداث التي تسطر بطولات وشجاعة شعوبها، ولكنه أيضا يحمل في طياته جرائم تركت جراحا غائرة لا تندمل بمرور الزمن، ومن بين تلك الأحداث المؤلمة، تبرز المسيرة الكحلة، وهي واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية التي ارتكبها النظام الجزائري في حق 350 ألف مغربي كانوا يعيشون بسلام على أرض الجزائر، في الذكرى الـ49 لهذا الحدث المأساوي، يتجدد الحديث عن حقوق الضحايا، ومسؤولية النظام الجزائري عن معاناتهم التي لا تزال قائمة حتى اليوم.

تأتي الذكرى، لتعيد فتح جرح إنساني لم يلتئم بعد، في هذا الحدث المأساوي، أقدم نظام هواري بومدين (بوخروبة) على تنفيذ عملية طرد جماعي غير مسبوقة بحق مغاربة كانوا يقيمون في الجزائر، متسببا في مأساة إنسانية ما زالت تبعاتها تلقي بظلالها الثقيلة على الضحايا وأسرهم.

في عام 1975، وفي واحدة من أكثر التصرفات اللاإنسانية، وفي أيام عيد الأضحى، أقدم نظام هواري بومدين (بوخروبة) على طرد نحو 45 ألف أسرة مغربية قسرا، مصادرا ممتلكاتهم ومقطعا روابطهم الأسرية والاجتماعية، كرد فعل انتقامي على نجاح المسيرة الخضراء، ورغم أن القانون الجزائري نفسه يمنع مثل هذه الممارسات، إلا أن النظام لم يتوان عن خرق القوانين المحلية والدولية، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

اليوم، تسعى حركة مغرب الغد لإعادة إحياء هذا الملف الإنساني، من خلال تحركات واسعة تشمل مراسلة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، وتنظيم حملات إعلامية دولية، ورفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية، الهدف ليس فقط فضح هذه الجريمة، بل تحقيق العدالة للضحايا واسترجاع حقوقهم المصادرة.


إن ذكرى “المسيرة الكحلة” ليست مجرد محطة لاستذكار الألم، بل هي دعوة للعمل من أجل إنصاف الضحايا ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة الإنسانية، فالحقوق لا تسقط بالتقادم، والعدالة هي السبيل الوحيد لتضميد الجراح وبناء مستقبل يقوم على الاحترام المتبادل والالتزام بالقوانين الدولية، حركة مغرب الغد تظل صوت الضحايا، وستستمر في مسعاها لتحقيق العدالة، لأن العالم بحاجة إلى قول كلمة حق، لا للجريمة.. نعم للعدالة.

كان هذا التصرف ردا عدائيا على النجاح الباهر الذي حققته المملكة المغربية في تنظيم المسيرة الخضراء لاسترجاع أقاليمها الجنوبية، إذ رأى نظام العسكر الجزائري في هذا الإنجاز تهديدا له، ورد عليه بجريمة منظمة انتهكت حقوق الأبرياء.

ما يجعل هذه الجريمة أكثر فظاعة هو تعديها على القوانين الدولية والمحلية على حد سواء، فالجزائر، آنذاك، كانت ملزمة باحترام القانون الجزائري رقم 6-211 المؤرخ 21 يوليو 1966 والمرسوم 66-212، اللذين يمنعان الطرد الجماعي للأجانب، اضافة الى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يضمن حرية التنقل والحماية من الطرد التعسفي، والدستور الجزائري لعام 1963، الذي يؤكد الالتزام بالحقوق الأساسية للإنسان، رغم كل هذه الالتزامات، أدار النظام ظهره للقانون، مضيفا إلى جريمة الطرد القسري جريمة مصادرة الممتلكات دون تعويض.

وفي الذكرى التاسعة والأربعين لهذا الحدث الأليم، أكدت حركة مغرب الغد التزامها بإعادة إحياء الملف دوليا والدفاع عن حقوق الضحايا، وأعلنت الحركة عن سلسلة من الخطوات المدروسة التي تهدف إلى تحقيق العدالة وكشف حقيقة النظام الجزائري أمام العالم، وذلك بمراسلة لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، لإثارة القضية دوليا وضمان وضعها على أجندة المناقشات الدولية، والتواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية، لتسليط الضوء على الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لمعاناة الضحايا، والعمل على تبني القضية، تنظيم حملة إعلامية دولية، لتعريف الرأي العام العالمي بحجم الجريمة وكشف النظام الجزائري أمام وسائل الإعلام الدولية، رفع دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، لتحريك المسار القضائي ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة وفق القوانين الدولية.

    إن إحياء ذكرى “المسيرة الكحلة” ليس مجرد استرجاع لحدث تاريخي، بل هو تأكيد على أن الحقوق لا تسقط بالتقادم، فالضحايا وأسرهم لا يزالون يعانون من تبعات هذه الجريمة، حيث فقدوا ممتلكاتهم، وتعرضوا لظروف اقتصادية واجتماعية قاسية، دون أي تعويض أو اعتذار من النظام الجزائري.

    اليوم، يتطلب هذا الملف تضافر جهود كل المنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية لتصحيح هذا الخطأ التاريخي، وعلى العالم أن يدرك أن ما حدث هو جريمة ضد الإنسانية تتطلب تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين.

    م المهدي غرايبة

    صحفي مهني وباحث في مجال الإعلام الرقمي

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *