المكاسب الدبلوماسية المغربية وتراجع الاعتراف بجبهة البوليساريو
لقد شهدت قضية الصحراء المغربية في السنوات الأخيرة تطورات جذرية في المشهد الدبلوماسي الدولي، حيث تجاوز عدد الدول التي سحبت اعترافها بجبهة البوليساريو أكثر من خمسين دولة لصالح دعم السيادة المغربية على الصحراء، رغم ذلك، لا تزال الجبهة تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع عدد محدود من الدول، لا سيما في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وفيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، بدأت الموازين تميل بشكل ملحوظ لصالح المملكة المغربية، حيث تدعم 19 دولة من دول الاتحاد رسميا مغربية الصحراء أو خطة الحكم الذاتي التي اقترحتها الملكة.
تعد المكاسب المغربية الأخيرة في أمريكا اللاتينية مؤشرا على التحول التدريجي لمواقف الدول في تلك المنطقة، فقد أعلنت بنما، التي كانت أول دولة تعترف بجبهة البوليساريو في عام 1978، تعليق علاقاتها مع الجبهة ودعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سلمي، كما خطت الإكوادور خطوة مماثلة في أكتوبر 2024 بسحب اعترافها بالجبهة، وقبل ذلك، أعلن الرئيس البرازيلي لولا دعمه لخطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب.
وتضاف إلى ذلك قرارات سابقة لدول مثل بيرو وباربادوس والسلفادور، التي جمدت علاقاتها مع البوليساريو. حتى أن مجلس الشيوخ في باراغواي أيد مبادرة الحكم الذاتي المغربية، ما يعزز الموقف المغربي في المنطقة.
شهدت أوروبا تحولا ملحوظا في مواقفها تجاه نزاع الصحراء، وأعلنت دول كفرنسا وإسبانيا، إلى جانب المجر مؤخرا، دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية، أما في آسيا، فقد حافظ المغرب على موقفه القوي، حيث لم تعترف أي دولة كبرى بجبهة البوليساريو. وعلى الرغم من أن دولا قليلة مثل كوريا الشمالية وتيمور الشرقية وفيتنام وجمهورية لاوس لا تزال تعترف بالجبهة، إلا أن تأثير هذه الدول يبقى محدودا مقارنة بالدعم الواسع الذي تحظى به المملكة المغربية.
على الرغم من أن القارة الإفريقية تضم عددا من الدول التي تعترف بالبوليساريو، مثل الجزائر وجنوب إفريقيا وأنغولا ونيجيريا، فإن المغرب تمكن من تحقيق اختراقات دبلوماسية مهمة في القارة، لا سيما في مناطق كانت تعد معاقل للجبهة. ولم تعترف أي دولة إفريقية جديدة بالبوليساريو منذ عام 2011، وهو ما يشير إلى انحسار التأييد للجبهة على المستوى القاري.
تلوح في الأفق تحولات جديدة مع احتمالية عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى السلطة، ما قد يدفع دولا أخرى للسير على خطى واشنطن في دعم مغربية الصحراء، ويذكر أن ترامب كان قد أعلن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء في عام 2020، وهو القرار الذي شكل نقطة تحول في النزاع.
إن المكاسب الدبلوماسية التي حققها المغرب في ملف الصحراء تؤكد على نجاح الاستراتيجية المغربية القائمة على الانفتاح والتعاون مع المجتمع الدولي، ومع استمرار مسلسل سحب الاعتراف بجبهة البوليساريو، يبدو أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ سيادته على الصحراء، مدعوما بمواقف دولية متزايدة تؤيد مقترح الحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد الواقعي للنزاع.