عودة دونالد ترامب وتأثيرها على العلاقات المغربية الأمريكية
من المنتظر أن تعود رؤية “أمريكا أولا” مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، مما يثير تساؤلات حول كيفية تأثير هذه الرؤية على العلاقات الدولية، وبينما تتباين ردود أفعال زعماء العالم حول هذا التحول، فإن المملكة المغربية تجد نفسها في وضعية مميزة قد تمكنها من تعزيز مكانتها في السياسة الأمريكية والدولية.
تعتبر المملكة من أقدم حلفاء الولايات المتحدة، إذ كان من أوائل الدول التي اعترفت باستقلالها في عام 1777، واستمرت هذه العلاقة المميزة عبر التاريخ، حيث تم توقيع معاهدة السلام والصداقة في عام 1786، والتي لا تزال قائمة حتى اليوم، في العصر الحديث، تم تعزيز العلاقات بين البلدين عندما أعلن المغرب حليفا رئيسيا من خارج حلف شمال الأطلسي في عام 2004.
في دجنبر 2020، خلال ولايته الأولى، اعترف ترامب بسيادة المملكة المغربية على صحراءها، مما عزز العلاقات الثنائية وأضفى طابعا استراتيجيا على التعاون بين البلدين، هذا الاعتراف كان خطوة تاريخية، ورافقها زيارة السفير الأمريكي إلى مدينة الداخلة لبحث فتح قنصلية أمريكية هناك، ومع ذلك، لم تتحقق هذه الخطة في عهد الرئيس الحالي جو بايدن.
أصبح المغرب لاعبا رئيسيا في السياسة الإقليمية والدولية بفضل استراتيجياته المتعددة الأبعاد تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، في الشرق الأوسط، ورغم تطبيع العلاقات مع إسرائيل ضمن اتفاقيات أبراهام في 2020، حافظ المغرب على موقف متوازن تجاه القضية الفلسطينية، ومع تصاعد التوترات في غزة في 2023، أرسلت المملكة مساعدات إنسانية للفلسطينيين وأكدت على ضرورة احترام حقوقهم في المحافل الدولية.
وفي أفريقيا، تواصل المملكة تعزيز بصمتها منذ عودتها إلى الاتحاد الأفريقي في عام 2017، أعلن جلالة الملك محمد السادس في نونبر 2023 عن مبادرة جديدة تهدف إلى تمكين دول الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي عبر مشاريع تنموية ضخمة، وهو ما قد يفتح آفاقا جديدة للتعاون مع الولايات المتحدة في إطار الشراكة الأطلسية.
يشكل قانون خفض التضخم الأمريكي فرصة للمملكة لتعزيز مكانتها الاقتصادية، ساهم هذا القانون في جذب الشركات الصينية للاستثمار في المغرب للحفاظ على الوصول إلى الأسواق الأمريكية، مما أدى إلى تعزيز الصناعات الخضراء والتكنولوجيا، ومع ذلك، فإن أي تغيير في سياسات ترامب بشأن هذا القانون قد يؤثر سلبا على هذه المكاسب.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب المغرب دورا محوريا في مكافحة تجارة المخدرات والإرهاب في منطقة الساحل، مما يجعله شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة في قضايا الأمن الإقليمي والدولي.
تنتظر أفريقيا اليوم إدارة ترامب الثانية بواقع مختلف تماما عما كانت عليه في 2021، حيث تشهد القارة تغييرات عميقة نتيجة للأزمات العالمية والانقلابات السياسية، بالنسبة للمغرب، فإن تعميق التعاون مع الولايات المتحدة في ظل هذه التغيرات سيكون حاسما لتحقيق طموحاته الإقليمية وتعزيز دوره كجسر بين أفريقيا والعالم.
إن نجاح المغرب في الاستفادة من عودة ترامب يعتمد على استراتيجيته المتوازنة في التعامل مع القوى العالمية، وتعزيز شراكاته الاقتصادية والسياسية مع الولايات المتحدة، ومن المؤكد أن المملكة، بفضل تاريخها العريق وموقعها الاستراتيجي، ستظل لاعبا رئيسيا في السياسة الأمريكية والدولية.