طريق الموت إلى جزر الكناري.. مأساة تتجدد في قوارب الهجرة
على مدى الأيام الأولى من شهر نونبر، شهدت مياه المحيط الأطلسي جنوب جزر الكناري فصلا مأساويا جديدا في قصة الهجرة غير النظامية، قوارب هشّة، محملة بأرواح يائسة، تواجه مصيرا قاسيا، بينما تلتهم الأمواج أرواحا باحثة عن أمل ضائع، في رحلة لم يعد لها سوى اسمٍ واحد “طريق الموت”.
في عطلة نهاية الأسبوع، سجّلت فرق الإنقاذ البحري 55 حالة وفاة مأساوية، وأنقذت 1786 مهاجرا في 29 عملية إنقاذ، معظمها في المياه القريبة من لانزاروت وإل هييرو. بين كل عملية وأخرى، قصص مؤلمة لرجال ونساء وأطفال ألقي بهم في البحر بعد أن خانهم الزورق الذي كانوا يعوّلون عليه للوصول إلى وجهتهم.
أحد أكثر الحوادث إيلاما وقع على بعد 370 كيلومترا جنوب إل هييرو، حيث اكتشفت سفينة تجارية زورقا انجرف وسط البحر، وتبيّن أن 48 شخصا كانوا قد لقوا حتفهم خلال الرحلة، في حين نجا عشرة آخرون، أنتشلوا على قيد الحياة بأعجوبة بعد قضاء أسابيع وسط الأمواج.
وفي حادثة أخرى، غرق قارب قابل للنفخ شمال شرق لانزاروت، مخلفا خمس جثث طافية على سطح الماء، بينما نجا 17 شخصا بفضل طوف أسقطته طائرة الإنقاذ البحري، التي كانت تقوم برصد المناطق البحرية المحيطة.
يحمل هؤلاء المهاجرون أحلاما بالوصول إلى شواطئ أوروبا، بحثا عن حياة أفضل، هربا من الفقر، والجوع، يقفزون في القوارب القابلة للنفخ متحملين مخاطر الأمواج، والبرد، والجوع، والتعب، فقط لينتهي بهم الأمر بين الحياة والموت، يتخبطون بين اليأس والأمل.
مع تزايد أعداد المهاجرين على طريق الأطلسي، تزداد التساؤلات حول مسؤولية المجتمع الدولي، وكيفية التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية، فلا يمكن الاستمرار في معالجة المشكلة عبر إجراءات أمنية فحسب؛ إذ لا بد من وضع استراتيجيات إنسانية تسهم في توفير حياة كريمة في أوطان المهاجرين الأصلية، الأرواح التي فقدت على طريق الموت إلى جزر الكناري هي نداء للإنسانية، دعوة لتوحيد الجهود من أجل حياة تليق بالإنسان.