قضايا دولية

صرخة أرض كنعان في وجه الصمت الدولي

شارك المقال

منذ عقود طويلة، ظلت فلسطين جرحا مفتوحا في ضمير العالم، ورغم مرور السنين، لا تزال قضية الشعب الفلسطيني تعيش في عتمة التجاهل الدولي، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي تقويض حقوق هذا الشعب وسرقة أرضه بلا هوادة، ما يجعل الأمر أكثر قسوة هو هذا الصمت المريب من قبل القوى الكبرى، التي تدعي التمسك بقيم العدالة وحقوق الإنسان، ولكنها تتخلى عنها بسهولة عندما يتعلق الأمر بفلسطين.

الاحتلال الإسرائيلي لم يترك وسيلة إلا واستخدمها لتكريس نظام الفصل العنصري الذي يقمع أصوات الفلسطينيين، إنه ليس مجرد احتلال للأرض، بل هو احتلال للكرامة الإنسانية ولحق الإنسان في أن يعيش بسلام على أرضه، قصف المنازل، قتل الأطفال، وتوسيع المستوطنات غير القانونية، كلها أدوات في سياسة الإبادة التدريجية التي تتبعها إسرائيل.

ولكن وسط هذه المعاناة، ينبعث من بين الأنقاض شعب لم يستسلم، من القدس إلى غزة، ومن الضفة الغربية إلى المخيمات، يسمع صوت الشعب الفلسطيني عاليا رغم كل محاولات إسكاتهم، هذا الصوت يمثل القوة الحقيقية، التي لا يمكن لأي قوة عسكرية أن تسكتها.

العالم العربي والإسلامي، رغم تضامنه اللفظي، لم يقدم الدعم العملي الكافي لهذا الشعب الصامد، حكومات هرولت نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، متخلية عن القضية المركزية التي ظلت لعقود تمثل رمزا للكرامة العربية، لقد أصبح التطبيع سلاحا في يد الاحتلال لتقويض نضال الشعب الفلسطيني وتحقيق أهدافه على حساب حقوقه.

إن الصحافة الحرة والمستقلة تتحمل اليوم مسؤولية نقل حقيقة ما يحدث في فلسطين، وتسليط الضوء على جرائم الاحتلال، في وقت يحاصر فيه الصحفيون ويعتقلون لأنهم رفضوا التزام الصمت، يجب أن يكون قلم كل صحفي مهني صوتا لأولئك الذين لا يستطيعون إيصال صوتهم إلى العالم.

فلسطين لا تنتظر من العالم شفقة، بل عدالة، التي ستتحقق عندما يعترف الجميع بأن هذا الاحتلال هو أبشع صور الظلم الحديث، وأنه يجب إنهاءه فور،. لا يمكن لأمة أن تنعم بالسلام وهي تقيم على دماء شعب آخر.

في النهاية، يجب أن نفهم أن التضامن مع فلسطين ليس خيارا سياسيا، بل هو التزام أخلاقي وإنساني، الشعب الفلسطيني لم يطلب سوى حقه في أن يعيش بحرية على أرضه، ولكن حتى هذا الحق البسيط تم انتزاعه منه بالقوة، علينا أن نكون صوتهم، لأنهم اليوم يقفون في الصف الأمامي من أجل العدالة، ليس فقط لفلسطين، ولكن لكل شعوب العالم التي تناضل ضد الظلم.

م المهدي غرايبة

صحفي مهني وباحث في مجال الإعلام الرقمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *