فضيحة إهدار المال العام في تارودانت: رفاهية المسؤولين مقابل معاناة المواطنين
إسراف المال العام في زمن الأزمات: هل أصبحت مدينة تارودانت مسرحا للترف أم ساحة للتجاهل؟
في وقت يعاني فيه العديد من سكان مدينة تارودانت من شظف العيش ويواجهون صعوبات يومية، تبرز علامات استفهام حول كيفية تخصيص الأموال العامة في المدينة، فبينما تتجه الأنظار نحو المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الإقليم، مثل نقص الماء وظروف المعيشة القاسية، ينشغل مجلس جماعة تارودانت في تنظيم حفلات ومهرجانات تتسم بالبذخ.
الانتقادات تتصاعد مع نشر تفاصيل حول مشاريع ومبادرات يبدو أنها تركز على رفاهية فئة معينة، في وقت يشكو فيه المواطنون من تردي الأوضاع، على سبيل المثال، مؤخرا تم الإعلان عن “مشروع طلبية” يشمل تقديم وجبات فاخرة ومشروبات متعددة في الحفلات، بينما لا يوجد أي مشروع تنموي حقيقي على الأرض لتحسين البنية التحتية أو مواجهة المشاكل الأساسية.
طلبية تضم 220 طاولة، مع وجبات تشمل طاجين كبير وأطعمة فاخرة، في حين أن المدينة تعاني من مشاكل أساسية مثل ندرة المياه وظروف المعيشة الصعبة بعد الزلزال.
في تدوينة على الفيسبوك، عبر المستشار الجماعي محمد الحاتمي البونوني عن خيبة أمله من مشاريع البنية التحتية التي تبنتها جماعة تارودانت، والتي وصفها بأنها “مشاريع بطنية” تركز على “جيوب” معينة بدلا من تحقيق التنمية الشاملة للمدينة، وأكد أن الاهتمام الأكبر يبدو موجها نحو تنظيم “حفلات ومهرجانات”، إلى جانب برامج “الإطعام والزرود” التي تركز على تقديم الوجبات الفاخرة بدلا من الاستثمار في مشاريع بنية تحتية حقيقية.
وختم تدوينته بدعوة واضحة إلى ضرورة المحاسبة والتغيير، واعتبر أن تبذير المال العام يعد “ذنبا لا يغتفر”، معبرا عن أمله في أن تتخذ خطوات جدية لإعادة توجيه الموارد نحو المشاريع التي تخدم المصلحة العامة وتلبي احتياجات المواطنين.
هذه المشاريع، التي يبدو أنها تستهدف إرضاء الأفراد في المناصب العليا بدلا من تحسين أوضاع العامة، تشكل مصدر قلق للمواطنين، في ظل الارتفاع المتواصل في تكاليف المعيشة، وعدم قدرة شريحة كبيرة من السكان على توفير أساسيات الغذاء، يبرز السؤال: ألم يكن من الأجدر استثمار هذه الأموال في مشاريع ذات تأثير حقيقي على حياة المواطنين؟
وفي ظل الظروف الصعبة التي خلفها زلزال الأطلس الكبير، ومعاناة العديد من الأسر في خيام مؤقتة، تبدو هذه الأولويات غير متماشية مع الواقع الذي يعيشه السكان، بينما يواصل جلالة الملك محمد السادس دعوته للتصدي لمشاكل الماء كأولوية وطنية، تستمر أموال جماعة مدينة تارودانت في الإنفاق على الرفاهية بدلا من الاستثمار في تحسين الحياة اليومية.
التساؤلات حول استغلال المال العام تتزايد، وتدعو إلى مراجعة شاملة لسياسات التنمية في المدينة، المواطنون في تارودانت يطالبون بمساءلة واضحة ومحاسبة للمسؤولين، لضمان أن توجه الموارد المالية إلى مشاريع تحقق قيمة حقيقية وتلبي احتياجات المجتمع بشكل فعّال.
في ظل هذه الظروف، تبقى الآمال معلقة على تحقيق إصلاحات جادة، تضمن تحقيق التنمية الحقيقية وتلبية احتياجات المواطنين بشكل عادل وشفاف، كما تعتبر مسائلة المسؤولين ومراقبة استغلال المال العام من المبادئ الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، ومع تصاعد الدعوات للشفافية والمحاسبة، من المتوقع أن تركز الجهود المستقبلية على تعزيز الحوكمة الرشيدة وضمان أن تكون السياسات التنموية في مصلحة الجميع.