قيم الشريعة في مواجهة العلمانية.. دفاع علمي عن الثوابت الدينية والوطنية
في الآونة الأخيرة، كنت أستمع إلى أحد العلمانيين اللادينيين، وهو يتحدث عن القيم ويدعي أنها كونية ولا علاقة لها بالشريعة، وأضاف أن الإسلام يحتوي على قيم إيجابية وسلبية، لكنه لم يفصح عن هذه القيم السلبية التي يتحدث عنها، وكأنها أمر مجهول، هذه الادعاءات تظهر جهلا واضحا بمفهوم الإسلام، دين الله الذي ارتضاه لعباده، والذي يشمل على نظام قيم متكامل يعنى بخير الإنسان والمجتمع.
يجهل العلمانيون أن الحديث عن القيم لا يمكن أن يكون مفصولا عن العقيدة والشريعة، العقيدة الإسلامية تشكل الخلفية التصورية التي تؤطر القيم وترسخها في النفوس، مما يجعلها قيما ثابتة ومتينة، الشريعة، من جانبها، هي الحامي الأساسي لهذه القيم من الانحراف أو التلاشي أو حتى التمييع الذي قد يحدث نتيجة الاستبداد والفساد، فبدون وجود حماية تشريعية، كيف يمكن لأي قيم أن تحافظ على جوهرها.
إن النظرة الإلحادية والعلمانية تفصل القيم عن أساسها العقدي، مما يجعلها مجردة من عمقها الروحي والتشريعي. هذه النظرة التجريدية تضعف من فاعلية القيم وتفقدها جوهرها، كما نشاهد في المجتمعات الغربية التي تتباهى بالقيم الكونية، لكنها في واقع الأمر، تتعامل مع هذه القيم بمنظور مادي بحت، مما جعلها شعارات فارغة تستخدم لتخدير عقول الشعوب، وعلى سبيل المثال، الأحداث في غزة كشفت عن التناقض الكبير بين القيم الغربية المدعاة والواقع السياسي المشين.
لنأخذ مثالا بسيطا وهو قيمة العدل، هذه القيمة مرتبطة بشكل مباشر بالعقيدة الإسلامية، حيث إنها مستمدة من اسم الله تعالى “العدل”، هذا الاسم الإلهي له تجليات واضحة على الكون برمته، المسلم يسعى لتجسيد هذه القيمة في حياته اليومية، فيتعامل مع كل الكائنات بالعدل والإنصاف، الشريعة الإسلامية تحمي هذا المبدأ التشريعي بوضع قوانين وعقوبات لمنع أي شكل من أشكال الظلم.
في النهاية، يسعى العلمانيون إلى تبني قيم منفصلة عن الدين، غير أن الحقيقة هي أنهم لا يريدون قيما بقدر ما يسعون لتحرير أنفسهم من أي قيد تشريعي أو أخلاقي، هذا النهج يؤدي إلى فوضى أخلاقية واجتماعية تهدد استقرار المجتمعات.