فتح معبر جوج بغال الحدودي.. المغرب يتسلم دفعة جديدة من المحتجزين في الجزائر
في خضم جغرافيا الصراعات والتوترات الإقليمية بين المملكة المغربية والجزائر، برزت على الساحة الإنسانية حدثا غير اعتيادي يوم الإثنين 16 شتنبر 2024، عندما فتحت السلطات المغربية بشكل استثنائي معبر جوج بغال الحدودي في وجدة، هذه الخطوة جاءت لتسلم دفعة جديدة من المغاربة المحتجزين في الجزائر، وهم عالقون بين سجون سياسية وخيوط دبلوماسية معقدة، إلا أن هذه البادرة تحمل في طياتها الكثير من الرسائل المبطنة.
وفقا لبيانات الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة بوجدة، شملت هذه العملية الإفراج عن 52 شخصا، بينهم ثلاث نساء وخمسة قاصرين، هؤلاء المحتجزون كانوا يقضون عقوباتهم داخل السجون الجزائرية، وتحديدا في منطقة العاصمة، كانوا أشخاصا عاديين، مواطنين ينحدرون من مدن مغربية متنوعة، مثل فاس ومكناس ووجدة وأزيلال، وربما كانوا يحلمون بمستقبل أفضل، ولكن مصيرهم ألقت به أمواج السياسة بعيدا عن الشواطئ الآمنة.
رغم أن هذه العملية تحمل طابعا إنسانيا، إلا أن العلاقات المغربية الجزائرية المتوترة تلقي بظلالها الثقيلة على مصائر هؤلاء المغاربة، الحدود المغلقة بين البلدين لأكثر من عقدين من الزمن، والصراعات السياسية المتصاعدة، تحولت إلى كابوس يومي للمواطنين العاديين، هؤلاء المغاربة، الذين يتم الإفراج عنهم على دفعات، ليسوا سوى جزء من مشهد أكبر، حيث ما يزال أكثر من 400 مغربي رهن الاعتقال الاحتياطي أو ينتظرون المحاكمة في الجزائر.
الجمعية المغربية، التي تقف في وجه هذه المآسي، تشير إلى ملفات مأساوية أخرى، هناك جثث لمغاربة، بينهم جثتا فتاتين من المنطقة الشرقية، تنتظر تسليمها إلى ذويها، الجثث في الجزائر ليست مجرد بقايا أجساد، بل قصص أشخاص انتهت حياتهم على أراض بعيدة عن ديارهم، وأمل أهلهم في لمّ الشمل لا يزال معلقا بين أروقة البيروقراطية والسياسة.
إنّ ما يواجهه المغاربة في الجزائر ليس مسألة بسيطة، إنهم يحاصرون بين خيارين، إما الرضوخ للظروف الصعبة في السجون الجزائرية، أو مواجهة المجهول بعد الإفراج عنهم، وبينما يعتبر الإفراج عنهم بمثابة نصر دبلوماسي، إلا أن هذا النصر سرعان ما يتحول إلى مرارة حينما يدرك هؤلاء العائدون أن الحياة التي تركوها خلفهم تغيرت وأن الطريق إلى الاستقرار لا يزال طويلا.
لقد ساهمت الجمعية المغربية بشكل كبير في تسهيل الإجراءات القضائية والإدارية في قضايا سابقة لتسليم الجثث، وهذا الأمر يشكل دليلا على أن القصة لا تنتهي بمجرد الإفراج عن المعتقلين أو تسليم الجثث؛ بل هي بداية جديدة لتحديات إنسانية أخرى.
الوقت وحده كفيل بالكشف عن ما إذا كانت هذه الخطوة الإنسانية التي تمثلت في فتح معبر “جوج بغال” ستكون بداية لتحركات أوسع نحو حلحلة الأوضاع، أو أنها مجرد بادرة أخرى في صراع طويل لا ينتهي.