عندما تصبح المنافسة بين الأشقاء ساحة لصناعة التاريخ
في زمن تتلاطم فيه أمواج التحالفات والتحديات الإقليمية، يظل البناء والتنمية من أعمدة النهوض لأي أمة، وبين أشواك السياسة والاقتصاد، يأتي قرار الاتحاد العربي للبناء والتنمية العقارية، بإحداث مكتب إقليمي في منطقة “المغرب العربي”، ليعيد رسم خريطة التعاون العربي من زاوية جديدة.
لم يكن اختيار المملكة المغربية لاستضافة هذا المكتب وليد الصدفة، بل جاء بعد نقاشات حادة ومعارك خلف الكواليس، حيث كانت تونس تطرح نفسها كمرشح قوي لاحتضان هذا المقر ولكن، كما في ميادين النزال، كان لا بد أن تحسم الأمور لصالح من يجمع بين الاستراتيجية، الرؤية الواضحة، والاستعداد لتولي القيادة.
في العاصمة الإقتصادية الدار البيضاء، المدينة التي تترجم روح المملكة الحديثة وتطلعاتها نحو الريادة، سيبدأ المكتب الإقليمي أولى خطواته، اختيار العاصمة الاقتصادية ليس مجرد قرار إداري، بل هو رسالة تعكس ما يمثله المغرب من نقطة ارتكاز في المنطقة، ومكانته في قيادة مسيرة التطوير العقاري والتنمية الشاملة.
يونس منتصر، الرجل الذي يقود هذه السفينة، هو أكثر من مجرد مستثمر، في شخصيته، تتلاقى روح ريادة الأعمال مع الإصرار على أن تكون التنمية الحقيقية ليست مجرد مشاريع مباني، بل قفزة في الوعي العربي بكيفية تحويل الفرص إلى واقع ملموس، إن تعيينه مديرا لهذا المكتب، مع دعم ليبي من نائب المدير، يرمز إلى رؤية جديدة للتعاون الإقليمي: رؤية لا تستثني أحدا ولا تنغلق على حدود جغرافية ضيقة.
التنافس بين الدول العربية على احتضان مثل هذه المشاريع ليس سلبيا، بل هو مؤشر صحي لحراك متزايد نحو تصدر المشهد الإقليمي، ما بين النقاشات الحادة والمصالح المتضاربة، تظهر حقيقة واحدة: من يملك الرؤية، الجاهزية، والقدرة على إقناع الآخرين، هو من يحظى بالقيادة.
في النهاية، نجاح هذا المكتب في أداء مهامه لن يكون رهين قرارات تتخذ خلف الأبواب المغلقة، بل مرهون بتحقيق تنمية حقيقية على أرض الواقع، تنمية تتجاوز الأرقام والمخططات إلى تغيير فعلي في مستوى المعيشة ونوعية الحياة، وفي هذه المهمة، تتجلى مسؤولية كل من المغرب، تونس، ليبيا، وكل من آمن بأن المستقبل العربي لا يبنى إلا بالتكاتف والعمل المشترك.