زلزال الأطلس الكبير.. جهود إعادة الإعمار تتقدم وسط تحديات الجغرافيا ومعاناة السكان
بفعل قسوة الطبيعة وقوة الأرض التي هزت منطقة الأطلس الكبير قبل عام، وقف الناس هناك بين الأنقاض، يكافحون لاستعادة حياتهم التي انقلبت رأسا على عقب في لحظة، الزلزال الذي دمر المساكن وشرد الآلاف، لم يكن مجرد هزة أرضية، بل اختبارا لصبر وصمود هؤلاء السكان، وأيضا لمدى قدرة المملكة على النهوض من جديد رغم كل التحديات.
لم يطل الانتظار، فعلى الفور تحركت الدولة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حيث تم إطلاق دينامية وطنية غير مسبوقة لإعادة بناء وتأهيل المساكن التي انهارت بشكل كامل أو جزئي، ولأن إعادة الحياة إلى منازل مدمرة ليست مجرد عملية تقنية، بل هي مسؤولية إنسانية ووطنية، كانت السرعة والالتزام هما المحور الأساسي لهذه الجهود.
11 ألف أساس تم حفرها بالفعل، و23 ألف مسكن دمّر، منها ألف مسكن أعيد بناؤه حتى الآن، الأرقام قد تبدو جافة، لكن خلفها قصصا من الأمل والشجاعة، الأسر التي عاشت تحت وطأة السماء المفتوحة، في الخيام أو مع أقاربها، تتطلع اليوم إلى العودة إلى منازلها بفضل الجهود التي لا تعرف التوقف.
ورغم كل هذا التقدم، فإن المعاناة لم تنته، ما زالت 8187 أسرة تقطن في الخيام، تنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تستطيع فيه العودة إلى مسكن يقيها تقلبات الطقس وقسوة الحياة.
الأمر هنا لا يتعلق فقط بأرقام، بل بإنسانية ضائعة بين الانتظار والحنين. هؤلاء الأشخاص لم يطلبوا سوى ملاذ آمن، سقف يحميهم من رياح الجبال الباردة، وتلك الجدران التي اعتادت أن تحكي قصصا من الدفء والسكينة، واليوم، هم في مواجهة تحديات قاسية، ورغم ذلك فإنهم لا يتركون مجالا لليأس.
الزلزال أظهر كيف أن الأرض، رغم جبروتها، تظل أضعف أمام الإنسان المتمسك بأمل العودة والبناء، في الأطلس الكبير، لم تهزم الروح الإنسانية، بل صمدت وسط الكارثة، التجاوب الحكومي السريع وجهود السلطات لإعادة بناء كل ما دمرته الهزة، تبرز قوة الدولة في التعافي، وقدرتها على تحويل المحنة إلى منحة.
لكن هذا ليس مجرد إنجاز مادي، إنه إنجاز روحي أيضا، يعكس التضامن الوطني الذي دفع الناس للتكاتف في أصعب الظروف، المواطنين الذين عاشوا تحت ضغط الحياة اليومية، أعادوا اكتشاف المعنى الحقيقي للتآزر والتعاون.
التحديات ما زالت قائمة. الجغرافيا الجبلية القاسية والطقس المتقلب يزيدان من صعوبة عملية إعادة البناء، ولكن بين كل تلك الصعوبات، يظهر الأمل كنجمة في سماء الأطلس، التقدم الذي تم تحقيقه، والوعود التي تحققت بالفعل، تشير إلى أن المستقبل يحمل الأفضل لأسر هذه المنطقة التي لم تستسلم.