قضايا دولية

خطاب استعماري وكراهية ضد المقاومة الفلسطينية

شارك المقال

أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تصريحات حول المقاومة الفلسطينية خلال خطاب له في البرلمان، حيث وصفها بأنها “همجية” وحمّلها مسؤولية الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، هذه التصريحات لم تثير فقط ردود فعل غاضبة، بل كشفت أيضا عن نمط متزايد من خطاب الكراهية الذي يستهدف حركات المقاومة والشعوب المظلومة.

ماكرون، الذي كان في زيارة رسمية للمملكة المغربية، تطرق إلى موضوع المقاومة الفلسطينية بطريقة تحمل في طياتها تكرارا للخطاب الاستعماري التقليدي، ففي الوقت الذي كان من المتوقع أن يتناول فيه العلاقة الثنائية بين بلاده والمملكة، اختار ماكرون أن يتبنى مواقف تدعم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة.

باستخدام كلمات تحمل طابع التحريض، وصم ماكرون المقاومة الفلسطينية بالتخريب والإرهاب، مما يساهم في تكريس ثقافة الكراهية، هذه اللغة لا تعكس فقط موقفا سياسيا، بل تساهم في تبرير العنف والاحتلال، وتغذي الانقسام بين الشعوب.

توالت ردود الفعل الشعبية والسياسية، حيث أعربت عدة أحزاب ومنظمات غير حكومية مغربية عن احتجاجها على تصريحات ماكرون، حزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى فدرالية اليسار الديمقراطي، أدانوا هذه التصريحات واعتبروها تشجيعا للاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب المزيد من المجازر، كما شهدت مدينة مراكش وقفة احتجاجية نظمتها الجبهة المغربية لدعم فلسطين، تعبيرا عن رفضها لهذه المواقف.

تأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد الأحداث في غزة، حيث ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروعة في بلدة بيت لاهيا، أسفرت عن مقتل 93 فلسطينيا في قصف لعمارة سكنية، ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية والدمار الشامل، يبرز تساؤل حول دور المجتمع الدولي في وقف هذه الإبادة الجماعية، تصريحات ماكرون، من خلال تشجيعها على خطاب الكراهية، تؤدي إلى مزيد من التوتر والصراع.

إن ماكرون، من خلال استخدامه لخطاب يحمل في طياته الكراهية، يساهم في تعزيز حالة من الاستقطاب بين الشعوب، فبدلا من الدعوة إلى الحوار والتفاهم، فإن استخدامه لمصطلحات تنزع عن المقاومة صفتها الشرعية، يعمق الجراح ويزيد من الفجوة بين الأطراف المتنازعة، هذا النوع من الخطاب يسهل على القوى الاستعمارية الاستمرار في سياساتها القمعية ويعزز من مشاعر الاغتراب والعداء.

إن تصريحات ماكرون تمثل تحديا حقيقيا للمجتمع الدولي، حيث يبرز التساؤل حول مدى استعداد القادة العالميين لفهم التعقيدات التي تعيشها القضية الفلسطينية، إن دعوة الرئيس الفرنسي إلى الحوار ينبغي أن تقترن بفهم عميق لحق الشعوب في المقاومة، وأن يدرك أن استمرار تجاهل هذا الحق لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات.

م المهدي غرايبة

صحفي مهني وباحث في مجال الإعلام الرقمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *