إقتصاد

تحولات في فاتورة الطاقة وأثرها على الاقتصاد الوطني المغربي

شارك المقال

مع نهاية عام 2023، سجلت فاتورة الطاقة في المغرب انخفاضا ملحوظا بنسبة 20.4%، وفقا لبيانات رسمية حديثة، هذه النتائج تبرز في وقت حساس، حيث تظهر آثار التقلبات العالمية في أسعار الوقود والتداعيات الجيوسياسية على الاقتصاد الوطني.

شهدت فاتورة الطاقة المغربية تراجعا من 153.2 مليار درهم في 2022 إلى 122 مليار درهم في 2023، هذا الانخفاض جاء مدفوعا بتراجع أسعار الوقود العالمية، التي شهدت استقرارا نسبيا مقارنة بالارتفاعات الحادة التي سجلت في السنوات السابقة، خاصة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية التي أثرت بشكل كبير على الأسواق العالمية.

الأرقام تفيد بأن واردات الديزل والبنزين شهدت انخفاضا كبيرا بنسبة 21.5% من حيث القيمة، حيث انخفضت من 66.3 مليار درهم إلى 52.7 مليار درهم. تعد هذه القطاعات من بين الأكثر تأثرا بتقلبات السوق العالمية، حيث يسهم تراجع الأسعار في تخفيف العبء المالي على الدولة والمستهلكين.

الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت في عام 2022، كانت لها تداعيات كبيرة على الأسواق العالمية للطاقة، ما ساهم في رفع الأسعار بشكل غير مسبوق في تلك الفترة، لكن، ومع مرور الوقت، بدأت الأسعار في الاستقرار، مما ساعد المغرب على تقليص فاتورة الطاقة بشكل ملموس في 2023.

على صعيد آخر، سجلت واردات الفحم انخفاضا كبيرا بنسبة 31.8%، لتصل إلى 16.5 مليار درهم مقارنة بـ 24.2 مليار درهم في 2022، كما تراجعت واردات غاز النفط المسال إلى 23.9 مليار درهم من 26.3 مليار درهم في العام السابق، هذه الانخفاضات تعكس التغيرات في الطلب المحلي وتوافر البدائل الطاقية.

شهدت واردات المغرب من المنتجات شبه المصنعة والمواد الخام تقليصا في قيمتها، حيث انخفضت واردات الأمونيا والمنتجات الكيميائية، مما يعكس تغييرات في استراتيجية الاستيراد والتأثيرات العالمية على القطاعات الصناعية.

مع استمرار المملكة في تنويع مصادرها الطاقية واستكشاف بدائل أكثر استدامة، قد نرى تغييرات إضافية في فاتورة الطاقة في السنوات المقبلة، تأثيرات التغيرات المناخية، السياسات البيئية الجديدة، والتطورات الجيوسياسية ستظل تلعب دورا مهما في تشكيل المشهد الطاقي للمملكة المغربية.

تظهر بيانات 2023 أن المغرب تمكن من تقليص فاتورة الطاقة بشكل ملحوظ بفضل استقرار الأسعار وتغيرات في أنماط الاستهلاك والاستيراد، في ظل بيئة عالمية غير مستقرة، تبرز الحاجة إلى استراتيجيات طاقية مرنة ومتكاملة لضمان استدامة النمو الاقتصادي وحماية الاستقرار المالي للمملكة.

م المهدي غرايبة

صحفي مهني وباحث في مجال الإعلام الرقمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *