الهيئة الوطنية للنزاهة تكشف عن قوة معاييرها في مواجهة الفساد وتثبّت استقلاليتها
في خطاب مفعم بقوة الحجة ووضوح الرسالة، دافع محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، عن نزاهة المعايير التي تستند إليها الهيئة في تقاريرها، معتبرا إياها “غير قابلة للنقاش”، فهذه المعايير، كما أكد، تشكل لبنة أساس للموضوعية والشفافية في مواجهة آفة الفساد، ولا تقف عند حد العموميات، بل تتوغل في مكامن الخلل وتضعها تحت مجهر التشخيص الصريح، لتخرج بحلول مدروسة تخدم مصلحة الوطن والمواطنين.
خلال مناقشة الميزانية الفرعية للهيئة لسنة 2025 أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، شدد الراشدي على أن الهيئة تعمل باستقلالية تامة، بعيدا عن أي انتماءات أو توجهات سياسية، على الرغم من خلفيات بعض الأعضاء السياسية، فقد أقسم الأعضاء على الالتزام بقسم الاستقلالية، والذي يضمن حياد المؤسسة ومنع توجيه تقاريرها لأي جهة كانت، الأمر الذي يعزز مصداقيتها ويضعها فوق أي اعتبار سياسي.
وفي رد حازم على الانتقادات التي تُوجَّه إلى الهيئة، أشار الراشدي إلى أن توجيه الاتهامات للمؤسسة بمحاباة جهات أو توجيه خلاصات معينة لا أساس له، إذ إن الهيئة لا تملك مصلحة في توجيه تقاريرها أو خدمة أجندات خفية، بل هدفها الأسمى هو ترسيخ النزاهة وتكريس الشفافية في كافة أوجه الحياة العامة.
لم تكن هذه الكلمات مجرد خطاب، بل عكست رؤية تتطلع إلى تجاوز العقبات الراهنة، عبر تعزيز التنسيق مع الحكومة في ملف مكافحة الفساد، وتحدث الراشدي عن أهمية التعاون باعتباره الأرضية الصلبة التي تحتاجها المملكة لتحقيق تطلعات المواطنين وتنمية مستقبل يليق بأبناء الوطن. فالتحديات أمام الهيئة كبيرة، لكن ذلك لم يمنعها من إطلاق دعوة للسلطات التنفيذية لمضاعفة الجهود وتجاوز العقبات التي تعرقل الوصول إلى الأهداف المرجوة.
وبالرغم من بعض الأقاويل التي تتهم الهيئة بتقديم صورة قاتمة عن المملكة، أكد الراشدي أن التقارير الموضوعية المبنية على الحقائق هي السبيل لتحقيق المصداقية، وأن الشفافية الكاملة تخلق الاحترام الدولي وتفتح آفاق التعاون مع جهات عالمية كالبنك الدولي، الذي أبدى اهتماما بالشراكة مع الهيئة، في إشارة إلى ثقة دولية بأن المغرب قادر على مواجهة تحديات الفساد بشجاعة.