عدالة

المجلس الأعلى للحسابات يكشف ملفات جنائية وإجراءات تصحيحية لإنقاذ المال العام

شارك المقال

في خطوة تعكس التزام المملكة المغربية بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، كشف المجلس الأعلى للحسابات عن إحالة 16 ملفا جنائيا إلى النيابة العامة خلال الفترة الممتدة من يناير 2023 إلى نهاية دجنبر 2024، وتأتي هذه الخطوة الجريئة تطبيقا لمقتضيات مدونة المحاكم المالية، التي تهدف إلى محاسبة المسؤولين وتعزيز الإدارة الرشيدة للمال العام.

تقرير المجلس الأعلى للحسابات أبرز أن الملفات المحالة تتعلق بقرائن على أفعال ذات صبغة جنائية، وقد أحيلت هذه الملفات إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.

ولم يقتصر دور المجلس على الإحالة، بل أكد أن العديد من المؤسسات والأجهزة اتخذت إجراءات تصحيحية قبل اللجوء إلى المساطر القضائية، مما ساهم في توفير مبالغ مالية هامة وتعزيز الحوكمة. ومن بين هذه الإجراءات: تحصيل ديون مستحقة بقيمة 54 مليون درهم، تطبيق غرامات تأخير بقيمة 6.3 ملايين درهم، استرجاع مبالغ أديت خطأ بقيمة 0.82 مليون درهم، اضافة الى الوفاء بالتزامات تعاقدية تصل إلى 78 مليون درهم.

التقرير شدد على أهمية آليات المراقبة الداخلية باعتبارها الأساس لتعزيز النزاهة والشفافية، وأكد المجلس أن الجهود المبذولة ساهمت في تحسين الأداء المالي والإداري للمؤسسات العامة، مع تحقيق تأثيرات بيئية واجتماعية إيجابية.

على صعيد التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، بلغ عدد الملفات الرائجة 297 ملفا، تم الفصل في 86 منها، وأسفرت الأحكام عن: فرض غرامات مالية بقيمة 5.05 ملايين درهم، وإلزام الأجهزة المعنية بإرجاع 9.15 ملايين درهم تمثل خسائر بسبب مخالفات مرتكبة.

وفق التقرير، كانت المؤسسات العمومية في صدارة الجهات المعنية، بنسبة %75 من القضايا المرفوعة، بينما مثلت مرافق الدولة نسبة %25، أما الأشخاص المتابعون، فتوزعوا بين مدراء عامين ومسؤولين محليين وموظفين على مختلف المستويات، مما يبرز اتساع نطاق المساءلة.

وفيما يتعلق بالمجالس الجهوية للحسابات، أظهرت المعطيات أن %93 من القضايا شملت الجماعات الترابية، مع متابعة 253 شخصا، بينهم رؤساء جماعات وموظفون وتقنيون.

التقرير كشف عن أوجه خلل متعددة، لا سيما في مجال الصفقات العمومية، مثل: عدم اللجوء إلى المنافسة دون مبررات، وسوء تطبيق معايير تقييم العروض، وكذلك قصور في تحديد الحاجيات عند إعداد دفاتر الشروط.

تقرير المجلس الأعلى للحسابات يعد بمثابة دعوة لتكثيف الجهود الوطنية لتعزيز الرقابة والمساءلة، ويشكل نموذجا يحتذى به في الحوكمة الرشيدة، حيث يتم تسليط الضوء على مكامن الخلل ودفع المسؤولين إلى التحرك لتصحيح الأوضاع.

م المهدي غرايبة

صحفي مهني وباحث في مجال الإعلام الرقمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *