العدالة الانتقالية في المملكة المغربية.. تجربة رائدة تعزز الديمقراطية وحقوق الإنسان
أكد جلالة الملك محمد السادس أن مسيرة المملكة في حماية حقوق الإنسان وترسيخ دولة القانون تمثل “نموذجا ديمقراطيا أصيلا”، رغم الإقرار بأن هذه المسيرة لا تعني الكمال، جاء ذلك في رسالة ملكية وجهها للمشاركين في المؤتمر الدولي حول العدالة الانتقالية، المنعقد في العاصمة الرباط يومي الجمعة والسبت، تخليدا للذكرى العشرين لتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة.
أنشئت هيئة الإنصاف والمصالحة في عام 2004 بهدف معالجة ملف الاعتقالات السياسية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدها المغرب بين عامي 1956 و1999، هذه الهيئة تعد نموذجا سباقا على مستوى العالم العربي وإفريقيا في تطبيق مفهوم العدالة الانتقالية.
وأوضح جلالة الملك في رسالته، التي ألقتها رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان آمنة بوعياش، أن هذه التجربة حظيت بإشادة دولية واسعة، مؤكدا أنها تجاوزت الأطر المحلية لتصبح مرجعا إقليميا وقاريا.
في إطار المؤتمر الذي انعقد تحت عنوان “مسارات العدالة الانتقالية من أجل إصلاحات مستدامة”، تم تسليط الضوء على أهمية استخلاص الدروس من التجربة المغربية، وأكدت الرسالة الملكية أن العدالة الانتقالية بمبادراتها المختلفة ساهمت في تعزيز الوعي الجماعي بمناهضة انتهاكات حقوق الإنسان وترسيخ ثقافة حقوقية مستدامة.
كما شدد جلالة الملك على ضرورة الاستمرار في بناء دولة القانون التي توازن بين الحقوق والحريات والواجبات، مع التركيز على المواطنة المسؤولة.
حظيت تجربة العدالة الانتقالية المغربية بتقدير واسع النطاق، حيث أظهرت التزاما بتحقيق المصالحة الوطنية، وجبر الضرر، وضمان عدم تكرار الانتهاكات، هذه التجربة تبرز قدرة المغرب على الجمع بين مواجهة تحديات الماضي وبناء مستقبل أكثر عدالة وديمقراطية.
اختتم جلالة الملك رسالته بالتأكيد على أن العدالة الانتقالية ليست هدفا بحد ذاتها، بل وسيلة لتعزيز حقوق الإنسان وبناء مجتمع ديمقراطي، ودعا إلى مواصلة العمل لترسيخ أسس دولة القانون واحترام الحقوق والحريات، بما يتماشى مع تطلعات الشعب المغربي في الحرية والكرامة.
تجربة العدالة الانتقالية في المملكة ليست فقط نموذجا يحتذى به في معالجة الماضي، بل أداة فعالة لتوطيد الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان، مما يجعلها مصدر إلهام للعديد من الدول الساعية لتحقيق المصالحة الوطنية وبناء مستقبل أكثر عدالة واستدامة.