الطلب الداخلي بالمملكة المغربية يتصدر المشهد في الربع الثاني من 2024
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، تأتي بيانات المندوبية السامية للتخطيط (HCP) لتسلط الضوء على إشارات إيجابية تعكس انتعاشا ملحوظا في الاقتصاد المغربي، حيث سجل الطلب الداخلي ارتفاعا بنسبة %5 في الربع الثاني من عام 2024، مقارنة بـ %0.1 في نفس الفترة من العام الماضي، مما يبعث الأمل في استقرار وديناميكية الاقتصاد الوطني.
تعكس هذه الزيادة الكبيرة في الطلب الداخلي قدرة الأسر المغربية على تعزيز استهلاكها، حيث ساهم هذا الطلب بمقدار 5.2 نقاط في النمو الاقتصادي، بينما كانت المساهمة السابقة لا تتجاوز 0.01 نقطة، ويعكس هذا التحول تزايد الثقة لدى المستهلكين، مما ساهم في رفع مستوى الإنفاق، حيث ارتفعت النفقات الاستهلاكية للأسر بنسبة %3.1 مقارنة بـ %0.6 في العام الماضي.
بينما شهد استهلاك الإدارات العامة تباطؤا في نموه، إذ انخفض من %4.9 إلى %3.8، مما يعكس الحاجة إلى مزيد من الاستثمارات العامة لتعزيز هذا القطاع الحيوي.
تشير بيانات المندوبية إلى أن الاستثمار لم يشهد فقط استقرارا، بل حقق نموا ملحوظا بنسبة %8.9، بعد انخفاض %4.2 في نفس الفترة من العام الماضي، هذه الزيادة في الاستثمار تمثل دعامة قوية للنمو، حيث ساهمت بمقدار 2.7 نقاط في النمو، بدلا من المساهمة السلبية التي سجلت سابقا.
بالرغم من الديناميكية الإيجابية في الطلب الداخلي والاستثمار، فإن التجارة الخارجية لم تكن بنفس القوة، حيث شهدت الواردات زيادة كبيرة بنسبة %12.9، مما ساهم بمقدار 6.3 نقاط سلبية في النمو، في المقابل، حققت الصادرات زيادة بنسبة %7.8، مما ساهم بمقدار 3.4 نقاط إيجابية.
تعتبر هذه البيانات بمثابة ضوء أخضر للاقتصاد المغربي، حيث تبين أن الطلب الداخلي هو المحرك الأساسي للنمو، ومع ذلك، فإن تعزيز التجارة الخارجية ورفع كفاءة الاستثمار يحتاجان إلى استراتيجيات مدروسة لضمان تحقيق نمو شامل ومستدام.
تتطلب المرحلة المقبلة تكثيف الجهود لدعم الثقة لدى المستهلكين والمستثمرين، مما سيعزز قدرة المملكة على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، إن استمرار هذا الاتجاه الإيجابي سيكون مؤشرا قويا على استدامة النمو وتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين.