تكنولوجيا

الإعلانات المضللة.. خطر يهدد الإعلام والمجتمع في عصر الذكاء الاصطناعي

شارك المقال

في عالم تسوده التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، تحوّلت الإعلانات من وسيلة تسويقية تقليدية إلى أداة ذات تأثير اجتماعي واقتصادي هائل، ومع ذلك، فإنّ الوجه الآخر لهذه الثورة الرقمية يكمن في انتشار الإعلانات المضللة التي تعدّ أحد أخطر تحديات الإعلام الحديث. وفقا لتقرير المخاطر العالمية لعام 2024، بات التضليل الإعلامي، بما في ذلك الإعلانات المضللة، في صدارة التحديات التي تواجه العالم، فما هي آثار هذه الظاهرة؟ وكيف يمكن مواجهتها؟

تعتبر الإعلانات المضللة أداة خفية للتأثير على الرأي العام والمستهلكين، بحسب محمد الهواري، رئيس تحرير مؤسسة الفنار للإعلام، فإنّ هذه الإعلانات لا تقتصر على التلاعب بالمعلومات، بل تصل إلى انتحال هوية علامات تجارية معروفة أو تقديم وعود كاذبة حول منتجات وخدمات، مما يشكل خطرا على المستهلكين والمجتمعات، مثال على ذلك “فضيحة فولكس فاغن”، حيث روّجت الشركة لسياراتها كصديقة للبيئة، بينما كانت الحقيقة عكس ذلك، مما كبّدها خسائر مالية فادحة وأثّر على سمعتها العالمية.

يشير الصحفي محمد فتحي إلى أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي ساهم في تسهيل انتشار الإعلانات المضللة بشكل واسع، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تخضع للرقابة التقليدية، هذه الوسائل تتيح للجهات الفاعلة استهداف المستهلكين بأساليب مضلّلة، مما يؤدي إلى خسائر مالية للأفراد وفقدان الثقة في العلامات التجارية.

الإعلانات المضللة تكبّد الاقتصاد العالمي خسائر تقدّر بـ78 مليار دولار سنويا، بحسب دراسة لشركة أمن سيبراني، هذه الظاهرة لا تقتصر على الخسائر المالية، بل تتجاوزها إلى التأثير على الصحة العامة، من خلال الترويج لمنتجات غذائية أو طبية غير موثوقة، مما يعرض حياة المستهلكين للخطر.

لمواجهة هذا الخطر المتصاعد، يتطلب الأمر جهودا متكاملة بين الحكومات والمؤسسات الإعلامية والمجتمع المدني، يجب تعزيز التوعية الإعلامية من خلال حملات تثقيفية موجهة للشباب والكبار، إضافة إلى تطوير مهارات التفكير النقدي والتحقق من المعلومات.

إنّ مكافحة الإعلانات المضللة ليست مجرد مسؤولية فردية، بل هي واجب جماعي يتطلب من المؤسسات الإعلامية والمجتمعات تبني نهج أكثر شفافية وتعاونا لضمان بيئة إعلامية صادقة وعادلة، فمع تزايد انتشار الذكاء الاصطناعي، تبقى اليقظة الإعلامية والتربية الرقمية حجر الزاوية في مواجهة هذا التحدي.

م المهدي غرايبة

صحفي مهني وباحث في مجال الإعلام الرقمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *