إضراب كتاب الضبط.. شلل في محاكم المملكة وسط تصعيد نقابي واقتطاعات حكومية
في ردهات المحاكم، حيث تتأرجح العدالة بين الأوراق المتناثرة والملفات المتراكمة، تعيش محاكم المملكة المغربية حالة شلل شبه تام، السبب؟ إضراب كتاب الضبط، تلك الشريحة المغمورة التي باتت اليوم في قلب المعركة، ليست فقط من أجل تحسين ظروفهم المهنية، بل أيضا من أجل كرامتهم وسط مشهد يغلي بالصراعات.
وزير العدل عبد اللطيف وهبي لم يتوان في الرد على هذا الإضراب، فاتخذ قرارا قاسيا، الاقتطاع من أجور المضربين، قرار كان الهدف منه ردع الشغيلة وتثبيط عزيمتها، لكن العكس هو ما حصل، فقد أشعل هذا القرار فتيل سلسلة من الإضرابات التي بدأت أمس الثلاثاء وستستمر حتى الخميس، يتبعها إضراب آخر أيام 24، 25، و26 من شتنبر، تتخلله وقفات احتجاجية تعد مؤشرا على أن الأزمة قد لا تنتهي قريبا.
النقابة الديمقراطية للعدل، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، التي دعت إلى هذه الإضرابات، رفضت القرار الحكومي بشدة، مؤكدة أن هذا التصعيد ليس الهدف منه خلق توتر مجاني ولا استغلال الأوضاع لتحقيق مكاسب سياسية أو نقابية، بل إنهم يدافعون عن حقوق شغيلة القطاع، التي ترزح تحت وطأة أعباء العمل وتحديات الظروف المهنية.
في خضم هذا المشهد، يظل المواطن المغربي المتضرر الأكبر، وهو الذي ينتظر في طوابير العدالة لتحقيق الإنصاف، ولكن كيف يمكن أن تتحقق العدالة في ظل محاكم مشلولة وأوراق معلقة بانتظار يد تحركها؟
هذه المعركة ليست جديدة على شغيلة قطاع العدل، لكن اليوم، الصوت أكثر ارتفاعا، والمطالب أكثر إلحاحا، وما بين تهديدات الحكومة بالاقتطاع واحتجاجات الشغيلة المستمرة، تبقى العدالة عالقة في المنتصف، ضحية لصراع لم يظهر له حل قريب.
إذا كانت العدالة هي العمود الفقري لأي مجتمع متحضر، فكيف لمجتمع أن يستقيم وهذا العمود قد أصابه الشلل؟
المعركة مستمرة، والنهاية غير واضحة المعالم، ولكن الأكيد أن كل يوم يمر دون حلول هو يوم تضيع فيه حقوق وتأخذ فيه المظالم طريقها نحو المزيد من التراكم، فهل من مخرج؟ أم أن الإضراب سيستمر حتى تلبى المطالب أو تسقط الأوراق من طاولة العدالة؟